العاهرة التي أحببتها

هي عاهرة، رأى فرجها رجال كثيرون، أحسوا بنعومة نهديها، وتحسسوا تفاصيل جسدها. حصلوا منها على المتعة، ولم تحصل هي سوى على العار الأبدي.
رغم ندمها الذي وصل إلى حد الألم، مازالت تبعد بين رجليها أمام كل مشترٍ للمتعة. ودائماً لا تحصل إلا على الفتات، رغم أنها تعطيهم أعز ما تملك.

عاهرة.. لكنها تبقى في نظري إنسانة، جسد بالٍ ولكن مازالت تسكنه روح. تلك الروح التي بالكاد تشعر بوجودها.. لكنها موجودة، ويوم ما ستنتفض. ستنتفض لتتمرد على إعتقال الجسد لها. فبرغم تكبيل الجسد المستمر للروح، لكنها تغلبت عليه ذات مرة. رغم أن إنتفاضة الروح لم تكتمل نحو الحرية، ورغم زيادة قمع الجسد لها، إلا أن الحقيقة أن الروح هي الأبقى، وهي الخالدة أبد الزمان. أما الجسد فهو سجن يخدعك زخرفته بالشهوات والملذات، ولكنك سرعان ما تدرك حقيقته، فهو فانٍ بكل لذاته.

يقولون أنها أمي رغم أنها لم تلدني، ورغم أن مشاعري تجاهها كإبنتي الصغيرة التي أخاف عليها، أخاف عليها حتى من نسمة تصطدم بوجهها الملائكي. ولكن ما أقسى أن توصف أمك بالعاهرة، وما أصعب أن تحاول الهروب من عارها فلا تجد إلا جوفها، فتهرب إله باكياً، فتجد الأمان الذي إفتقدته بعيداً. بعيداً عنها لا ترى إلا مفاتنها، فتنسى مساويءها. لكنها تبقى عاهرة.. العاهرة اللتي أحببتها.

ميم.. مرض يزيد ألمه كلما زاد حبي لها

صاد.. صبر لا يُجنى منه إلا مزيد من الصبر

راء.. رائحتها التي أتنفسها فلن أحيى بدونها

يقولون أن الجنة لا تورد إلا بعد البعث والحساب، لكنني وردت الجنة بين ذراعيها. كما أنني إنكويت بجحيمها في كل مرة إقتربت منها. فهي دوائي وعلتي.. هي موطني وغربتي.. هي أمي وإبنتي.. هي كل تفصيلة من تفاصيل حياتي

ثورجي من الفــيس

أتجول بين صفحات الفيسبوك باحثاً عن مزة
قد أشترك في group لتمورة أو لعمورة أو حتى لغزة
لا تهم الوسيلة فالهدف البحث عن لذة
وفي وسط ما كنت أدعبس أوقفني ما يدعو لليقظة
صور لشاب مصري رحمه الله وأعزه
قُتل بتعذيب الشرطة.. من غير ذنب تأذى
فتابعت بقراءة الـcomments أدهشني تهور من يكتب
فالجميع يحسب للأمن حساباً لكن لا أحد هنا يحسب
أعجبت بجرأتهم ما دفعني أن أتابع الأمر بترقب
فقالوا: هانعمل وقفة.. قلت: قشطة وبجوارها علامة تعجب
زاد إهتمامي ومعه حيرتي بقضايا وطن يتعذب
وتحليت بجرأة كانت للـfriends عندي هي الأغرب
فالشخص الذي إمتلأ بروفايله بـQuezes الحب والهجر
سبحان الذي غيره وجعله ثوري يتحدى القهر
وبعثت بريكويستات عدّى لشباب مناضل مهري
ولأول مرة كتبت "يسقط مبارك" في status وأعلنتها جهر
فشعرت أن كلماتي تهديد وصل إلى رئيس فاسد مخري
وتخيلت مبارك حينها من رعبه طلع يجري
وجعلت أتابع عن كثب ما يحدث على الساحة ويدور
وفي كل note أكتبها أسعى لكشف المستور
غيري ينزل محتجاً في مظاهرات ويثور
أمّايا فبقيت على الفـيس أشيّر ما أجده منشور
صورة أو فيديو للبرادعي أو مقال من الدستور
أشعلت الفيس بمشاركتي وكأني نجم مشهور
فأقاتل تارة لبلادي وأخرى من أجل نادي
ولطالما إفتخرت دوماً أنني أعلى صوت في الـultras ينادي
وفي يوم إشتد عراك على الـwall بشكل غير عادي
وقذائف سباب تدوي فالكل على الحكم مش راضي
فنسينا قضية الوطن  وغفلنا عن الفساد
بسبب تصريح لمدرب تنبت الفتن وتكبر دون سماد
فأجادوا تدبير الفتن ليبقى كل منا مشغول
فاليوم الشعب ثائراً يشتعل غضباً كالغول
وغداً تفجير بكنيسة بين الشعب وثورته يحول
فنلتفت لكره أنفسنا وننسى من المسئول
فرقونا كي يسودوا فأصبحنا كالجسد المعلول
تفشى الفساد كالسرطان فإحتجنا جراحا وديتول
جراح يستأصل ورماً وديتول ليطهر تفكيراً
فالفكر ان شابه تلوث لا يُرجى منه تغييراً
فثقافة ظلت تهوي لم تلق غير تحقيراً
وفن هابط بات يجني من الأموال كثيراً
فصنعوا تراثاً لا يعرف غير النسوان والبيرة
وعقول أطفال تحبو وإن بدت في الظاهر كبيرة
لكن وإن طال الليل فظلامه مع الفجر يرحل
وبفكرة شاب قد يخرج ملايين ليقولوا "إرحل"
فنجاح ثورة الياسمين تعطينا الحق كي نأمل
فبدأت دعوات تتوالى وevent بعنوان "إنزل"
فـ25 يناير آخر آمال شعب يُسحل
فإما أن ننعم بحرية أو على يد ظالم نُقتل
فنزل شباب إستجابةً لصرخات وطن مجروح
حلفوا يميناً أن لا عودة إلا والنصر يلوح
فغستشهد شهداء يبكي عليهم الوطن وينوح
أحياء هم عند ربهم دمهم مسك عطره يفوح
وسقط نظام فاسد فعادت للجسد الروح
جاء التحرير من التحرير فتحكي الثورة وتبوح
أن السر هو حلم حققه إصرار الفرسان
واليأس ضلال فتجنب أن تسمع وسوسة الشيطان
فالحلم لا يأتي طوعا بل بأت بعمل وإتقان
فالله لا يضيع أجر من أحسن بل يجزيه بإحسان
من كان ليصدق يوماً أن يصعد للقمر إنسان
أو أن يسقط نظاماً ورئيساً في 18 يوم يا جدعان


قَدْ سَقَطَتْ عَبَاءَتَكَ أَيُّهَا المُدَّعِي


كنت خاءفاً ترتجف رعباً تخشى أن يعلو صوتك لحظة، فيسمعك من يمسك لك العصا. فاخترت الطريق الأسهل، وسميته الطريق إلى الله. إقتصرت القرب من الله لنفسك. كونك قد أطلقت اللحية، وقصّرت العباءة، وأمسكت بالمسبحة. أخذت الدين تجارة، لم أنخدع كما انخدع غيري بمظهرك، كنت أعرف ما يكن بصدرك. ومن هنا لم تسيطر علي بأفكارك كما سيطرت على من صدقوك، كان سلاحك تعبئة العقول. وبما انه لكل وقت هدف تنشده، تباينت آراءك مما عرّاك أمام الكثيرون.
دعوتك قبلاً كي تعترض على حاكماً زاد ظلمه، فأبيت. قلت لي حينها: الخروج عن الحاكم حرام شرعاً. بررت لنفسك السلبية، ولم تكتف، بل وصفتني بالكفر، وأبحت دمي.
كلامي ليس مطلقاً على كل من أطلق لحيته، أو على كل من يقال له شيخاً. مع أنه ما أسهل أن يقال على المرء شيخاً هذه الأيام. كلامي لأشخاص يتاجرون بإسم الدين، شيخ بمسجد، أو قس بكنيسة، تنازلوا عن دورهم كمصريين، لم يلبوا نداء الوطن حين طلب رجالاً. وها هم الآن أول من يبحثون عن الغنيمة. تقاعصوا عن القتال في الغزوة، وانهمكوا في غزو الإعلام والصناديق. ذاع سيطهم، مع انهم كانوا يُستخدمون من النظام السابق المخلوع.
يا أيها المدّعي، أتذكر حجتك البالية عندما دُعوت إلى الثورة؟!! قلت حينها أنك رجل دين لا دخل لك بالسياسة. وقلت لك حينها رأيك يجب عليّ أن أحترمه، وإن إختلفت معك في وجهة النظر. فتعاونت أنت مع جلادي كي تبطل ثورتي، ولكن الله نصرني. والآن.. وبعد أن إنتصرت إرادة الشعب. ظهر وجهك القبيح، وظهرت رغباتك الدفينة، فبعد سنوات من الطاعة والخوف، ظهرت لك الأنياب، فأصبحت طرف أساسي في العمل السياسي الذي إبتعدت عنه قبلاً. أسست أحزاباً، وجيّشت أفراداً وثقوا بك، وإعتبروك رمزاً للدين، إستخدمت منبرك فيما لا يعنيك، فلوثت الدين بوساخات السياسة. تريد كذا، ولا تريد كذا. لن أقول لك بأي حق تريد، فأنا لست مثلك، لا أحتكر شيئاً على نفسي، كما احتكرت أنت الدين، وكفّرت كل من سواك.
هدفي منذ قيامي بالثورة هو أن يشارك الجميع بما فيهم أنت -أيها المدعي- في صناعة مستقبلنا، هدفي أن تعلو جميع الأصوات في حرية بما فيهم صوتك دون أن يحجبه أحد. ولكن ما لن أسمح لك بتحقيقه، وان متّ في سبيل ذلك، أن تسيّر أنت الشعب كالقطيع، أن يكون صوتك هو الصوت الوحيد المسموع. فقد أسقطنا نظام الراعي الحاكم بالعصا، الذي كنت أنت أول من يخشى عصاه.

لا لمن يستخدمون الدين

ما بعد مبارك

بسم الله الرحمن الرحيم

نجحت الثورة، بفضل الله ومثابرة الشباب الذي لم يرض بالذل، أسقطنا نظاماً كان يحسبه الناس قد وصل إلى مرحلة من الجبروت لن يتغير بعدها. شكك كثيرون في قدرة الشباب، وقال كثيرون أن الطريق السلمي لن تأت بشيء. لكن إيماننا كشباب في الله أولاً وفي أنفسنا وقدراتنا هو ما خلق هذه الثورة، وجعلنا نثبت عند الشدائد ونواجه التحديات. فالشباب الذين بدأوا شرارة الثورة ليسوا أبناء الأمس، وهذه الثورة ليست وليدة اليوم، ولم تكن حركة عشوائية. إنما هي نتاج لمحاولات مستمرة لشباب همه الأول إيصال مصر إلى مكانتها التي تستحقها، وأنا يكون للمصري كرامة وعزة.
أنا كشاب من شباب 6 إبريل، الحركة التي ذاع سيطها في الفترة الأخيرة، لم نكن نطمع في شيء، فكلنا مرتاحون، نأخذ مصروفنا من أهالينا ونأكل ونشرب ولا ينقصنا الحمد لله شيء. إنما ما كان ينقصنا فعلاً هو رؤية مصر تتألم وتنحدر شيئاً فشيئاً إقتصادياً وسياسياً وإجتماعياً وأخلاقياً... حركنا جميعاً حب مصر منذ زمن، ووسط قلق أهالينا، وحدود خوف فرضها المجتمع، رفضنا أن نقف مكتوفي الأيدي. قد أكون لم أعاني كمن عانوا كثيراً غيري، ولكني كنت كغيري مستعداً لدفع أي ثمنناً لتحرير مصر ومن ثم نفسي.
لم تكن حركتنا السياسية أو غيرها من الحركات المماثلة تعمل على الجانب السياسي فقط، ومعظمنا من الشباب من مختلف الإنتماءات لا يشتغل السياسة، إنما كانت مهمتنا هي تغيير فكر شعب إعتاد الذل، وألف الخوف. مهمة لم تكن بسيطة. ضحى في سبيلها كثيرون، تحملوا الضرب، والإعتقال، والسب والشتم، والأهم كان العامل النفسي. ففي ظل مجتمعاً خائفاً مكتوف الأيدي كان من يقول كلمة الحق منبوذاً، يخافه الجميع.
بدأ شباب منذ سنوات في الإحتجاجات والمظاهرات، لكنهم لم يُسمعوا. لم يفقدوا الأمل، وظلوا متمسكين بربهم وإيمانهم به أنه لن يخذلهم. كنت أتعجب كثيراً عندما أرى من يعتقل، وعندما يخرج من سجنة تزداد حدته. وكأن السجن قد قوّاه. أمثال هؤلاء الشباب هم من أعطاني الثقة، وأزال من قلبي الخوف من أمن الدولة. فآمنت بما أفعله أنه الحق. وعندما جائت الدعوى بإقامة ثورة يوم 25 يناير، كنت حينها في أسيوط، نظمنا أنفسنا في أسيوط لهذا اليوم. وتفاعل الناس معنا شجعنا، وأعطانا دفعة من الأمل. ولكن عندما بدأنا المظاهرات لم يلتفت إلينا أحد، وتركونا نُعتقل وحدنا. خاف الناس من المشاركة. أُعتفلنا أربعة أيام، لم يهمنا خلال هذه المدة سوى ماذا يفعل إخواننا في القاهرة. خرجنا يوم السبت الذي تلى جمعة الغضب، وحينها كانت المفاجئة السارة لنا جميعاً، أنا إخواننا على أعتاب إنتصار. سافرت يومها إلى القاهرة، أعد الساعات حتى أصل، وعندما وصلت، نزلت من القطار لم أجد عسكري شرطة واحد في الشوارع. كانت فرحتي حينها لا توصف. ثم رأيت تكاتف جميع فئات الشعب للدفاع عن بيوتهم وعائلاتهم، لم أستطع حبس دموعي حينها.
ما فاجئني بعد ذلك هو الإنتقاد اللاذع الذي إنتقده لنا الناس، وأننا مخربون، مندفعون لا نعرف خطورة ما نفعله. كنت دائماً انظر لهؤلاء الشباب بالتحرير أنهم أبطال، لم يقدَّر لي أن أصبح مثلهم، فقد أُعتقلت ولم أستطع أن أفعل شيئاً. رقض عائلتي الشديد للنزول والوقوف مع هؤلاء الأبطال، وحبسهم لي بالمنزل، جعلني أقفز من البلكون هارباً  حتى أشارك معهم كي أشعر أنه كان لي دوراً ولو بسيطاً في هذه الثورة الطاهرة. وعندما رأيت التحرير، ذهلت وشعرت لأول مرة بالفخر أنني مصري.
ها قد زال مبارك ونظامه، الذي عيشنا في ذل لأكثر من نصف قرن. ماذا تجد من الناس؟! يبكون على رحيله عشان بالمصري صعبان عليهم، والعاطفة المصرية الطاغية التي تحرك المصريون، جعلت البعض ينظم لمظاهرة وفاء جميل لمبارك. هؤلاء من كانوا يسبون الشباب لأنهم أفسدوا الإقتصاد المصري، وعطلوا مصالح الشعب المصري، سينزلون يهتفوا لمبارك. أنا لا أعترض على الفكرة نفسها، وإن كنت كارهاً لمبارك لا أستطيع منع نفسي من كرهه، وإنما شعب بهذا التفكير لن يتقدم. سوف يخلق مباركاً آخراً يجعله يعاني 30 عاماً آخرون. شعب قد أحب الذل والظلم والقهر، لن يعتاد يوماً على الحرية. هؤلاء من كانوا خائفون على الإقتصاد المصري، لا يشغلوا نفسهم الآن كيف سنبني البلاد، وما الذي تطلبه منا مصر، فلم يعتادوا أن يتولوا زمام الأمور. لم يروا زميل أو صديق لهم يستشهد من رصاص أطلق بأوامر مبارك، لم يروا من أصيب برصاصة ومازال واقفاً يطالب بالتغيير، لم يروا كم كان الأمن قاسياً، وكيف أُخططف المعتقلون. لم يروا الشباب الذين بقوا في التحرير لتنظيف المكان بكل رقي وحضارة. سريعاً ما حنُّوا إلى أيام مبارك. سريعاً ما نسوا دم الشهداء، من ضحوا حتى يعيش غيرهم الحرية. سخط الناس وكرههم لمبارك سرعان ما تحول إلى حب وتقدير لشخص قاتل، ولوم وعتاب لنا الشباب وكأننا نحن من قتل وسجن خلال الـ 30 عاماً الماضية.
إني أحمد الله أنه كان لي دوراً ولو صغيراً في الثورة. يكفيني فخراً أني هتفت بعلو الصوت يسقط حسني مبارك.
تحيا مصر حرة أبداً ودوماً

مات الهلال مع الصليب

إنه الوقت المناسب كي يخرج كل منكم يعتلي وجهه تعابير الحزن والشفقة، يظهر على شاشات التلفاز يدين ويندد الأعمال الإرهابية، ويتحدث عن الوحدة الوطنية، والخطر المحدق بالوطن، وتقولون أنكم ستقطعون رأس الأفعى، مع أنكم أنتم رأسها. ولكن فقط تذكروا أنكم تنظرون من خلف أسوار قصوركم التي شيدتموها، لا تعرفون ما يدور بين أفراد شعبكم، فلا تتكلموا على لسانهم. فلن ترجع كلماتكم ما فقدناه، ولن تهدأ نفوس تشتعل بنار الفتنة لمجرد محاولات منكم بتهدئة الموقف، وإن كانت في مضمونها محاولات ظهور ودعايا لشخص.

سؤال يدور في نفوس تستشيط غضباً مما حدث، سنوات وقد فٌرٍضَ علينا قانون الطواريء، وبداعي الخوف على الأمن القومي مٌدِّدَ سنوات بعد سنوات، وها هو حادث يستهدف قلب الأمن القومي ولا نعرف حتى من الجاني. إذاً سٌنَّ قانون الطواريء لإعتقال أي صوت يعلو في الأفق، لتكميم الأفواه لا لحفظ الأمن، لإرهاب الناس لا لوقف الإرهاب أنتم عنه لا علاقة له بالشعب، فهو أمن حفظ المناصب، أو الإبقاء على الكراسي. نسمع دائماً عن أهمية الوحدة الوطنية بين الأقباط والمسلمين، ودائماً الكلام عن الوضع بينهم محاط بمئات الخطوط الحمراء، وكأنه ثأر بين إثنين وصل إلى درجة الكراهية والعداوة. ولكن أدعوكم بالنزول من قصوركم، والإختلاط بالناس في الشارع، أو الجلوس على مقهى. فمصر وإ وٌجد بها مشاكل طائفية فهي طفيفة، لن تصل إلى أن تكون مشكلة كبرى تهدد أمان الوطن. فلا يوجد مثلاً أحياءاً خاصة بالأقباط دون المسلمين أو العكس، وإن سألت أي شخص بالشارع عن عنوان مثلاً فلن يسألك عن دينك أو ينفر منك إن كنت على غير دينه، والأمثلة أكثر من ذلك بكثير.

إذاً الفرق بين مسلم ومسيحي في نظر الناس أن الأول يصلي في مسجد والثاني فيصلي في كنيسة، أما عن الفروق والفواصل الشتى بين الطائفتين أنتم تخلقونها في خطاباتكم. ففي التفجيرات التي إستهدفت كنيسة القديسين، نزف المصريون جميعاً دماء الحزن، وإنذرفت دموع الحسرة على الفقداء. فمرتكب هذا العمل الإرهابي أياً كان جنسه أو دينه، نفذ مخططاً دنيئاً إستهدف به المصريون دون تمييز.. وقتل الهلال والصليب معاً.

الجامعة.. تقويم وإصلاح وتهذيب

بسم الله الرحمن الرحيم

إذا توقفت لوهلة أمام مدخل جامعة مصرية عادية وتأملت ما يحدث أمامها، فمن الطبيعي أنك ستجد أفراد من الشرطة يقفون يطالبون من يريد الدخول إلى الجامعة بإبراز بطاقة تعريف بالشخصية. هذا ما نراه يومياً ونجده عادياَ، بل ضرورياَ لحفظ الأمن والنظام بالجامعة. لكن إن رآى ذلك سائحاً فقد يظن أنه أمام هيئه عسكرية. ذلك يعني أن وجود هؤلاء الأفراد ليس أمراً طبيعياً، ولإنما أمراً فرضه قانون الطواريء الذي يحكم البلاد.
فهؤلاء الأفراد من الشرطة ليسوا موجودون لحفظ الأمن أو لإحلال النظام، وإنما وُجِدوا لهدف آخر، ولا تحتاج إلى التفكير طويلاً للتوصل إلى هذا الهدف. فالهدف من وجودهم هو تحجيم حرية الطلاب، بمعنى آخر توجيه نشاط الطلاب إلى ما فيه مصلحة النظام الحاكم. فكأي مكان في مصر لا توجد حرية بمعناها الصحيح وإنما توجد مساحات من الحرية لا تستطيع تعديها. وخاصة أن الجامعة دائماً ما عرفت بأنها بادئة شرارة أي نشاط سياسي. فطالب الجامعة هو شخص في أولى مراحل تكوين شخصيته، يحاول التعرف على ذاته، خرج مؤخراً من مرحلة المدرسة بقيودها الكثيرة ليجد نفسه أمام قدر من الحرية لم يعتده. فيحاول في هذه المرحلة فهم ما يدور من حوله والتعمق في أحداثه. فينجذب إلى نشاطات لم يكن يعرفها، يرى فيها ذاته. إما ينجذب إلى سياسة، وغالباً ما يتحول إلى ناقم على الأوضاع، معارضاً للنظام. أو ينجذب إلى التطرف الديني، فيصبح غاضباً على المجتمع وعلى رأسه النظام الذي يقود البلاد إلى الرذيلة ويبعدها عن طريق الصلاح وطاعة الله.
هنا وجد النظام أنه مغضوب عليه من الفئتين، وإن لم يُعَامَل الموقف قد تسوء الأوضاع، ويصبح هناك خطر يهدد أمن النظام. فكان من النظام أن ضيق الخناق على هؤلاء الشباب الذي يقودهم الحماس حتى لا يفتعلوا المشكلات. وكان الإضطهاد المستمر لهم هو الحل حتى يكونوا مثالاً على ما سيحدث لكل من يفكر مثلهم. فرؤية أشخاص يُدمر مستقبلهم بالكامل وتضيع أحلامهم بين جدران الزنزانة كفيل بإبعادك عن كل ما فعلوه.
رغم كل هذا ظهر شباب لا يهابون هذا، مستعدون لتقديم التضحيات في سبيل ما يؤمنون به. وإن زادت الوحشية في ردعهم، وإن تعرضوا للضرب والإهانة دون تمييز بين ذكرٍ وأنثى، رغم قلة عددهم مقارنةً بمن هابوا الأمر واستعظموه. إلا أن هؤلاء الشباب صمدوا وإستطاعوا كثيراً إيصال رأيهم.
داخل أي جامعة مصرية، أي نشاط طلابيّ، يشترط فيه أن يحصل على موافقة الحرس الخاص بالكلية، وأن تُتابع تطوراته بإستمرار عن طريق تقارير دورية. وبالطبع الموافقة من الأمن مرهونة بخلو النشاط من أي طابع سياسي أو ديني. وإن تحدت مجموعة من الطلاب ذلك، فسكون عليهم غضب الأمن، وسيتحولون في نظر الأمن إلى جماعة محظورة تهدد أمن البلاد وإستقرارها، وقد يصبحون يتلقون دعم من الخارج للقضلء على مستقبل الدولة.
الخلاصة أن الجامعة في مفهوم النظام أصبحت أداة تقويم وإصلاح وتهذيب لمن يعرض عن تقديم فروض الطاعة، بمعنىً آخر.. أصبحت الجامعة هي السجن الذي يحبس فيه النظام عقول الشباب في مراحل تكوين الشخصية بعيداً عن أي إعتراض على خطأ أو  رغبة في التطور أو تحسين الحال. أصبحت الجامعة مكان لتعلُّم السلبية.

مش طلباكي يا روسيا!!

بسم الله الرحمن الرحيم

يجتاح القلق قلب الشارع المصري بعد القرار الروسي بوقف تصدير القمح بسبب الحرائق التي لم تكن في الحسبان. وبما أن مصر من أكبر الدول المستوردة للقمح، فسيؤثر ذلك بالسلب على المواطن المصري.
فالمواطن المصري الذي يرضى بالرغيف بمساميره وبما فيه، ذلك المواطن الذي يحارب حتى يحصل على رغيف في طابور طويل. يخشى الآن المصريون من القرار الروسي خشية أن يختفي الخبز أو أن تزيد أسعاره. وإن كانت جميع تصريحات المسئولون تدعو للإطمئنان, ولكن المواطن المصري فقد الثقة. فبعد أن خاب أمله في العلاوة أن تواكب الإرتفاع الجنوني للأسعار، وبعد كل المشاكل التي يدور الحديث بشأنها والمتعلقة بمشكلة مياه النيل وتوزيع حصصه على دول الحوض، وبعد أن أصبح المصري يخاف أن يستيقذ فلا يجد النيل.. من الطبيعي بعد كل ذلك أن يفقد التقة.
بالرجوع إلى أزمة القمح، نظم مواطنون من قوى سياسية مختلفة وقفة إحتجاجية بالصحون والملاعقأمام مقر رئيس الوزاراء إحتجاجاً على غلاء الأسعار.
بعد كل هذه الأحداث، وبعد تدهور الأوضاع شيئاً فشيئاً، ما يثير الجنون حقاً هو وجود أشخاص يعلقون صور وملصقات لجمال مبارك تأييداً له.. وسط كل هذا، السؤال الذي يطرح نفسه هو: ألا يرى هؤلاء الحال؟!!  أيها السادة، اللي مايشوفش من الغربال يبقى ........

قطعوني بس ماتقطعوش النت

بسم الله الرحمن الرحيم

يتعرض هذا الجيل "الجديد" إلى كثير من اللوم، حيث يلام "شباب اليومين دول" لأنهم في نظر لائمهم يعانون من اللا مبالاة وقلة التفكير وعدم الإعتماد على النفس،  وقد يصل هذا اللوم إلى وصفهم بالفوضوية والتهور. لكننا لم نجد أحداً ينظر إلى هؤلاء الشباب نظرة موضوعية، فلا أحد يريد أن يرى هذا الجيل على انه نتاج طبيعي لتدهور بدأ على أيد أجيال سبقته.
بصفتي أحد أبناء هذا الجيل، سأحاول  تسليط الضوء على جانب من عقل الشباب قد يكون غير واضح. هذا الجيل رغم انه قد يوصف بالجهل أو التفاهة مقارنةَ بأجيال الخمسينات والستينات، ولكن هذا الجيل يمتلك في جوهره ما قد يحيي الأمل، بل إن هذا الجيل هو الأمل ذاته.. فإما أن يغير للأفضل، وإما يكمل نحو الهاوية بإنحدار أكبر.
هذا الجيل هو الأمل الحقيقي الذي لم يتوفر سابقاً للأمة كي تغير حالها. فهذه الأمة بحاجة ماسة إلى ثورة، ولا أقصد بـ"ثورة" عنف أو إنقلاب عسكري، وإنما أقصد ثورة أخلاقية ترجع لنا مبادئنا التي تناسيناها، ثورة فكرية تخرج لنا مبدعون. كفانا إستهلاكاً نحن  بحاجة إلى أن ننتج.
أعتقد أن مقومات تلك الثورة موجودة في شباب هذا الجيل. فهذا الجيل هاديء ساكن كالمارد المحبوس بداخل مصباح علاء الدين ينتظر من يحرره.
المشكلة تكمن في جعل هذا المارد الساكن يتحرر، فمعظم الظروف والمشكلات الحالية وُلِدَ جميعنا وجدها تحاصره، ولم نجد أحداً يقدم حلاً، لم نجد مِنْ مَنْ هم قدوتنا سوى مجرد تأففات من ما في الحياة، وكأنه مكتوب علينا. هذا ربَّى فينا إعتقاداَ أن هذا هو حظنا الذي لن يتغير وعلينا قبوله كما هو دون التفكير حتى في تغييره.
أريد أن أرجع بذاكرتك إلى اليوم الذي صدر فيه قرار بتحديد حصة الإنترنت لكل مواطن شهرياً، فثار الشباب وقتها وقاموا بتنظيم مظاهرات للضغط على المسئول حتى يتراجع عن قراره.. وبالفعل قد كان وتراجع المسئول عن هذا القرار وانتصر الشباب.
تعجبت كثيراً حينها، فهؤلاء الشباب لم يحركهم غلاء الأسعار، ولا أزمة الخبز، ولا حتى البطالة، ولكنهم إنتفضوا عندما هدد قرار ما حصتهم من الإنترنت. ولكن بعد تفكير عرفت لِمَ لَمْ يتحرك الشباب في المشاكل السابقة ولم يحركهم سوى هذا القرار. ذلك لأننا كشباب لا نشعر بتلك المشكلات، فنحن لم نعشها ولم نكن جزءاً منها، ولكننا أُقحمنا بها بالوراثة. لكن الأمر كان مختلفاً فيما يتعلق بمشكلة الإنترنت، فهي مشكلة تؤثر على حياة الشباب على الأقل من وجهة نظرنا، فحينها لم يرض الشاب بالسكوت ولم يكتف بالرضى.
لجأ معظم الشباب إلى الإنترنت لتعويض ما ينقصهم في حياتهم، فيكون الإنترنت بديلاً لنواقص أسرية أو إجتماعية، أو حتى بديلاً لحرية أو ديموقراطية معدمة في الحياة السياسية. هذا الجيل إستطاع خلق حياة يراها مثالية من خلال جهاز الكمبيوتر، وصل الأمر إلى تنظيمات إجتماعية أو سياسية ذات شعبية واسعة تمارس أنشطتها من خلال الإنترنت. لذلك كان من الطبيعي أن تعلو أصوات الشباب "قطعوني بس ماتقطعوش النت" مادام "النت" هو المنفذ الأوحد للتعبير عن الرأي دون خوف.
حتى قضية خالد سعيد أُثيرت أساساً عبر الإنترنت، وما حرك الشباب بكل تلك الإحتجاجات والمظاهرات المنظمة، أو حتى مجرد التعاطف مع القضية، هو أنها تمسهم. فإنتشر بين الشباب أنه إذا لم يُؤخذ موقف الآن لإيقاف التعذيب، فإن الدور قادم على كل الشباب. هذا أثار الشباب وجعلهم يشعرون أن لهم دوراً وأن الفرد قد يؤثر في مصيره الشخصي، والأهم في مصير بلده.
إذن هذا الجيل يحتاج إلى ما يحركه، يحتاج إلى شيء يغير الفكرة التي تَرَبَّى عليها أن الواقع لن يتغير وأنك يجب أن ترضى بحظك. ففكرة التعذيب في حد ذاتها لم تكن المحرك، وإنما كون الضحية شاب، مسّ ذلك قلوب الشباب، وجعلهم مهتمين بمعرفة التفاصيل، ولا يتقبلون التهم التي لفقت إلى خالد سعيد بعد موته. هذا التحرك الجماعي والرفض من الشباب لِمَ حدث إلى زميلهم خير دليل أن هذا الجيل بداخله ما قد يحيي الأمل




ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الباب اللي يجيلك منه الريح...

بسم الله الرحمن الرحيم

في الآونة الأخيرة، وبعد تدهور الحالة الإقتصادية والسياسية والأهم من ذلك تدهور الحالة الإجتماعية، تعالت أصوات كثيرة مطالبة بالتغيير. وبعد الثورة في عالم الفضائيات وإتساع الأفق الفكرية للشعب وظهور الكثير من المعارضين على الشاشات المستقلة الذين غالباً ما يُحاربون كي تُغلق أفواههم. قد تأثر عدد كبير بكلامهم ولكن الغالبية العظمىمن الشعب مازالت سلبية القول والفعل ظناً منهم أن السلبية تقيهم "السجن وقلة القيمة" في ظل دولة تعسفيّة أمنيّة تحكمها الدكتاتوريّة.
أكثر شيء يجعلني أتعجب هو التعليقات التي أسمعها من غالبية المصريين الذين إتخذوا موقف السلبية كأسلوب حياة، فبعد سماع تلك الفئة لبرنامج على قناة فضائية حرة أو قراءة مقال في جريدة مستقلة يهاجم النظام أو الحكومة، تكون تعليقاتهم دائماً على هذا النحو وهذه الوتيرة: "لااااااااا .. دا زودها قوي!".. هذا المواطن البسيط ينظر إلى الرئيس على أنه في منزلة الوالد الذي مهما أخطأ لا يستطيع أولاده تقويمه أو حتى التعقيب على تصرفاته، وذلك إحتراماً له وتعظيماً لقدره. أما الحكومة فهي العصا التي يضرب بها الوالد إبنه، فمهما قست العصى فإن الإبن يدرك أن ورائها حب كبير ويحركها خوف من الوالد عليه. وهذا خطأ، فلا يجوز تشبيه الرئيس بالأب، لأن الأب يفرض على الإنسان فلا يستطيع شخصاً إختيار أبويه، كما أن حب الوالد لأبنائه شيء فطري ومسئولية، أما الرئيس فالمفترض أنه قد أتى بناءاً على رغبة الشعب أو الغالبية من الشعب عن طريق إنتخابات حرة نزيهة. كما أن الإبن عندما يكبر يتوقف الوالد عن التدخل في خصوصياته وأمره، إنما يكتفي بالنصح والتوجيه، لأن الإبن حينها قد كون شخصيته المستقلة وعرف طريقه في الحياة.. فمتى سيكبر شعب مصر؟!!
عندما أكتب مقالاً موضحاً فيه وجهة نظري عادة ما ألقى نقداً واسع المدى من مختلف الأشخاص في حياتي، عائلة، أصدقاء أو أقارب. ودائماً أسمع جملة "عيب يابني مايصحش" فيكون دائماً ردي التلقائي والبديهي "وهوّ يصح اللي إحنا فيه دا!!". لم ليس لنا الحق دائماً في الإعتراض أو المطالبة بحقوقنا؟ لم يريدون حرماننا من أبسط حقوقنا وهي التفكير؟.. أتعجب كثيراً عندما يشتكي شخص من متاعب الحياة ويرسل في حديثه عن الأزمات المنتشرة في كل وسائل المعيشة ثم يكون دائماً الختام بجملة "برضو إحنا أحسن من غيرنا".. الرضى أمر جيد بل و مطلوب ولكنه يكون عن إقتناع وليس عن إضطرار أو بالمصري "قلة حيلة". فمن أين أتت جملة "إحنا أحسن من غيرنا" ؟ وعلى أي أساس بنيت؟ الواضح أن لا أساس لها من الصحة، ولم دائماً ننظر لمن هم أقل منا؟! لما فقدنا الطموح؟!!! ثم أننا في تدهور مستمر، وإذا إستمر الوضع على ما هو عليه، فلن نجد أحداً أسوأ منا حالاً.
أستسمحك يا سيدي، أزل الغشاوة التي على عينيك كي ترى.. السعودية أفضل منا إقتصاداً "عشان عندهم بترول" .. الإمارات أفضل منا إقتصاداً ومستوىً "وإحنا نطول نبقى زيهم!!".. حتى موريتانيا أقاموا إنتخابات حرة ويسيرون في طريقهم نحو الديموقراطية، أما نحن فقد بُحّ صوتنا مطالبةً بتغيير الدستور حتى ننعم بإنتخابات حرة نزيهة وتداول سلطة، ولكن ولا حياة لمن تنادي. لاحظ سيدي أنني لم أذكر دولة متقدمة واحدة، كل من ذكرتهم كانوا في يوماً من الأيام يعتمدون على مصر.. فآباءنا من علمهم، وآباءنا من بنى لهم بلادهم.. كانوا في يوم من الأيام مطمأنين لأن بجوارهم الشقيقة الكبرى. أين الشقيقة الكبرى الآن؟!! الشقيقة الكبرى تعاني ولا تزال تتكبر،  فحسبنا الله ونعم وهم نعم الوكيل.
في ظل هذا مازال هناك من يقولون: أن حرية الرأي يجب ألّا تستغل إستغلالاً خاطئاً، ومازال هؤلاء يوضحون في كل وقتٍ وفي كل حينٍ الفرق والمقارنة المحفوظة بين الحرية في التعبير عن الرأي وبين "التطاول وقلة الأدب". أين التطاول في وصف السارق بالسارق أ وصف المرتشي بالمرتشي؟! أم أن الحرية في قاموسكم هي الفساد والرشوة والواسطة والمحسوبية! والتطاول هو كشف حقيقة السارق والمرتشي والشكوى من تدهور الحال والمطالبة بتغيير نحو الأفضل! ثم أين تلك الحرية المزعومة؟! إذا كان الناس خايفة تتكلم وحتى خايفين يسمعوا.. إذا كان الصحفيين لسه بيتحبسوا بسبب رأيهم.. ويوم ما الشباب نظموا نفسهم وخرجوا في مظاهرة سلمية للتعبير عن رأيهم إضربوا من الأمن، وبعد كده يتكلم عن الفوضوية. للأسف لا يوجد حرية كاملة في مصر، وإنما هناك مساحات من الحرية (على حد تعبير سيادته).. "هذه المساحات قد تتسع أو تضيق حسب سعة صدر النظام"(إبراهيم عيسى)
الشعب المصري يتعامل بمبدأ "الباب اللي يجيلك منه الريح.. سده وإستريح". أي أنه إذا كان الكلام سيسبب المشاكل، فإن هذا الشعب يفضل السكوت "بلاها كلام". وإن كان الإعتراض يجلب الهم، فإن الرضى هو الحل. وبما أن الحال لا يُرضي عاقل، فيلجأ هذا الشعب دائماً إلى الوهم.. فالبعض يوهم نفسه أن الحال ممتاز، وإن وُجدت أزمة فستزول قريباً، والحال في تحسنٍ مستمر كما يقول المسئولون. البعض الآخر يلجأ إلى لوم نفسه ويوهم نفسه أن سبب المشاكل نابع من تقصير منه. أما الأغلبية من الشعب فيوهمون أنفسهم أن أوضاعهم السيئة بسبب إهمال أشخاص آخرون، ومنهك من يؤكدون لأنفسهم أن الحكومة هي سبب مشاكلهم ولكنهم لا يجرئون على قولها علانيةً. والمواطن الغلبان مشغول في الجري وراء لقمة العيش.
هذا النظام قد ربى الشعب على الطاعة حتى أصبح أليفاً مطيعاً لمربيه، لا يجروء الإعتراض أو حتى النظر في عين مربيه نظرة لوم. هذا المربي يمسك في يده سوطاً منذ 29 عاماً لا يريد أن يفلته خوفاً من أن يفترسه الشعب الذي صبر كثيراً ولو أحس بخوف مدربه ثار عليه، هذا السوط هو قانون الطواريء الذي تم الموافقة عليه في مجلس الشعب قريباً ليمتد خلال السنتين القادمتين. متى سيتعلم هذا الشعب أن حقه المسلوب لن يأت بالطاعة المفرطة، وأن سكوته هو سبب مشاكله. متى سيدرك هذا الشعب أنه قد حان الوقت للإنتفاض والتغيير وفتح الباب على مصرعيه والتصدي للريح.

آسف يا والدي


بسم الله الرحمن الرحيم

عارفك زعلان ومتضايق عشان للظالم بأقول لأ
خايف عليا مش طايق فكرة في يوم في سجن أتزق
حقك يا والدي تتخانق معايا لما أطالب حكومتي بحق
خوفك هايبقى مش فارق بكرة هانحط إيدينا في الشق
نشحت ونسرق ونتقاتل ونتحارب على اللقمة
غابة أشجارها بتتمايل فيها وحوش مافيش ذمة
وكبارها ريقهم سايل بكروش مايشبعوش دم ولحمة
وغلبان للهم شايل يتعب ويشقى وملبسينه عمة
قول لي ياوالدي لو يرضيك الحال أطلع أهلل وأقول شعارات
أنافق عشان شوية مال أبوس مسئول مسئول وأخدم باشاوات
دا أول ما سمعت الكرامة بتتقال على لسانك وأفعالك كانت دلالات
وإلّا أسكت وأقول الحال عال عايش بجسمي وعقلي مات
أصل السكوت دلوقتي حرام يا أكون راجل يا أكون عيل
لما الرئيس يقول كلام يأفلم علينا ويتخيل
ومايطلعش ولا عاقل يقول الصح ويحلل
يبقى عليكي يا دنيا السلام وأحسن لي أدخل أقيل  (آخذ قيلولة)
حاولت يا والدي ماقدرتش أكون سلبي وماتكلمشي
عملن كأني ماسمعتش ومش شايفه قصاد وشي
بجح بيجر في خناقي يضرب ويقول لي ماعملشي
هو عشان بحب بلدي أبقى بأزن على خراب عشي
ما هو قالها بلسانه فيه حرية  وإلّا دا كلام بيرجع فيه
وإلّا حرية كروية لأي نادي أنتمي ليه
قال على الشباب فوضوية عشان قالوا مش راضيين بيه
حبسهم مع الحرامية وحرمهم من الإمتحانات وأهو دراع يلويه
فاكر إنه بيسيطر لما بالعنف يتحكم
مبدأ عمره ما يتغير في قلب شباب مهما إتألم
ولما من ظلمك نتحرر هانتحسن ونتقدم
ونبدأ نخطط ونسطر ورقة بيضا فيها نحلم
 آسف يا والدي طلع لي صوت غصب عني لما شوفت العار
نصدر غاز لليهود ونحبس إخواتنا بجدار
والعروبة دي شبعت موت وحواليها ألف حصار
يا والدي ماتستناش مني وعود أنا هاتكلم مهم صار
ما أقدرش أكسّر ليك كلمة بس إنت ربيتني ع الصح
آخد حقي من الظلمة وأبقى شجاع يوم ما الشجاعة تشح
ولا أستني حكومة ولا قمة يغيروا حالي من حزن لفرح
على قد عمري عشت طواريء من غير توضيح من غير شرح
ويوم ما أتكلم يتقال لي  إسكت مالكش حق تقول
وإنت يا والدي تكتب لي  إحذر يا ولدي بطش إيد مسئول
وتوعدني وتحلف لي  هاتزعل لو كلامي يطول
آسف يا والدي ماتزعلشي ابنك واقف في وش الغول
سيبني يا والدي أحاول وأهو يمكن حاجة تتغير
عايش الحلم وأنا قايل نفسي البلد دي تتنور
ومهما في طريقي هاقابل صعوبات عمري ماهتدوّر
دا انت قلت ع كلامي هايل فليه أسكت وليه أبرر
يمكن أنا اللي هايرجع كرامة إتهانت من بدري
سني صغير وإيه يمنع شافني الأمن طلع يجري
أرجع حقنا "المصلوب" في لبنان إتلمّوا ع المصري
وفي الخليج بنتقطع لأجل دينار أو ريال يغري
وولي أمري قاعد في قصر مش عارف وخايف يحميني
والحمد لله جاب لنا النصر بكأس الأمم ينسيني
إهانة شعبين بدون حصر مصري جزايري ع العروبة تقسيني
كرامة المصري من كرامة مصر وعملت إيه لمروة الشربيني
وعايزني أسكت وماتكلمش يا والدي دا الحقيقة مرة
ومنين هاأجيب لولادي الوش وأقول دا بلدكم بلد حرة
هاتكلم بس ماتزعلش دا زعلك بيقطعني من جوة
وإدعي لبلدنا
أصله زعيم بمليون وش ماطلعش راجل ولا مرة


Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More