مات الهلال مع الصليب

إنه الوقت المناسب كي يخرج كل منكم يعتلي وجهه تعابير الحزن والشفقة، يظهر على شاشات التلفاز يدين ويندد الأعمال الإرهابية، ويتحدث عن الوحدة الوطنية، والخطر المحدق بالوطن، وتقولون أنكم ستقطعون رأس الأفعى، مع أنكم أنتم رأسها. ولكن فقط تذكروا أنكم تنظرون من خلف أسوار قصوركم التي شيدتموها، لا تعرفون ما يدور بين أفراد شعبكم، فلا تتكلموا على لسانهم. فلن ترجع كلماتكم ما فقدناه، ولن تهدأ نفوس تشتعل بنار الفتنة لمجرد محاولات منكم بتهدئة الموقف، وإن كانت في مضمونها محاولات ظهور ودعايا لشخص.

سؤال يدور في نفوس تستشيط غضباً مما حدث، سنوات وقد فٌرٍضَ علينا قانون الطواريء، وبداعي الخوف على الأمن القومي مٌدِّدَ سنوات بعد سنوات، وها هو حادث يستهدف قلب الأمن القومي ولا نعرف حتى من الجاني. إذاً سٌنَّ قانون الطواريء لإعتقال أي صوت يعلو في الأفق، لتكميم الأفواه لا لحفظ الأمن، لإرهاب الناس لا لوقف الإرهاب أنتم عنه لا علاقة له بالشعب، فهو أمن حفظ المناصب، أو الإبقاء على الكراسي. نسمع دائماً عن أهمية الوحدة الوطنية بين الأقباط والمسلمين، ودائماً الكلام عن الوضع بينهم محاط بمئات الخطوط الحمراء، وكأنه ثأر بين إثنين وصل إلى درجة الكراهية والعداوة. ولكن أدعوكم بالنزول من قصوركم، والإختلاط بالناس في الشارع، أو الجلوس على مقهى. فمصر وإ وٌجد بها مشاكل طائفية فهي طفيفة، لن تصل إلى أن تكون مشكلة كبرى تهدد أمان الوطن. فلا يوجد مثلاً أحياءاً خاصة بالأقباط دون المسلمين أو العكس، وإن سألت أي شخص بالشارع عن عنوان مثلاً فلن يسألك عن دينك أو ينفر منك إن كنت على غير دينه، والأمثلة أكثر من ذلك بكثير.

إذاً الفرق بين مسلم ومسيحي في نظر الناس أن الأول يصلي في مسجد والثاني فيصلي في كنيسة، أما عن الفروق والفواصل الشتى بين الطائفتين أنتم تخلقونها في خطاباتكم. ففي التفجيرات التي إستهدفت كنيسة القديسين، نزف المصريون جميعاً دماء الحزن، وإنذرفت دموع الحسرة على الفقداء. فمرتكب هذا العمل الإرهابي أياً كان جنسه أو دينه، نفذ مخططاً دنيئاً إستهدف به المصريون دون تمييز.. وقتل الهلال والصليب معاً.

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More