قطعوني بس ماتقطعوش النت

بسم الله الرحمن الرحيم

يتعرض هذا الجيل "الجديد" إلى كثير من اللوم، حيث يلام "شباب اليومين دول" لأنهم في نظر لائمهم يعانون من اللا مبالاة وقلة التفكير وعدم الإعتماد على النفس،  وقد يصل هذا اللوم إلى وصفهم بالفوضوية والتهور. لكننا لم نجد أحداً ينظر إلى هؤلاء الشباب نظرة موضوعية، فلا أحد يريد أن يرى هذا الجيل على انه نتاج طبيعي لتدهور بدأ على أيد أجيال سبقته.
بصفتي أحد أبناء هذا الجيل، سأحاول  تسليط الضوء على جانب من عقل الشباب قد يكون غير واضح. هذا الجيل رغم انه قد يوصف بالجهل أو التفاهة مقارنةَ بأجيال الخمسينات والستينات، ولكن هذا الجيل يمتلك في جوهره ما قد يحيي الأمل، بل إن هذا الجيل هو الأمل ذاته.. فإما أن يغير للأفضل، وإما يكمل نحو الهاوية بإنحدار أكبر.
هذا الجيل هو الأمل الحقيقي الذي لم يتوفر سابقاً للأمة كي تغير حالها. فهذه الأمة بحاجة ماسة إلى ثورة، ولا أقصد بـ"ثورة" عنف أو إنقلاب عسكري، وإنما أقصد ثورة أخلاقية ترجع لنا مبادئنا التي تناسيناها، ثورة فكرية تخرج لنا مبدعون. كفانا إستهلاكاً نحن  بحاجة إلى أن ننتج.
أعتقد أن مقومات تلك الثورة موجودة في شباب هذا الجيل. فهذا الجيل هاديء ساكن كالمارد المحبوس بداخل مصباح علاء الدين ينتظر من يحرره.
المشكلة تكمن في جعل هذا المارد الساكن يتحرر، فمعظم الظروف والمشكلات الحالية وُلِدَ جميعنا وجدها تحاصره، ولم نجد أحداً يقدم حلاً، لم نجد مِنْ مَنْ هم قدوتنا سوى مجرد تأففات من ما في الحياة، وكأنه مكتوب علينا. هذا ربَّى فينا إعتقاداَ أن هذا هو حظنا الذي لن يتغير وعلينا قبوله كما هو دون التفكير حتى في تغييره.
أريد أن أرجع بذاكرتك إلى اليوم الذي صدر فيه قرار بتحديد حصة الإنترنت لكل مواطن شهرياً، فثار الشباب وقتها وقاموا بتنظيم مظاهرات للضغط على المسئول حتى يتراجع عن قراره.. وبالفعل قد كان وتراجع المسئول عن هذا القرار وانتصر الشباب.
تعجبت كثيراً حينها، فهؤلاء الشباب لم يحركهم غلاء الأسعار، ولا أزمة الخبز، ولا حتى البطالة، ولكنهم إنتفضوا عندما هدد قرار ما حصتهم من الإنترنت. ولكن بعد تفكير عرفت لِمَ لَمْ يتحرك الشباب في المشاكل السابقة ولم يحركهم سوى هذا القرار. ذلك لأننا كشباب لا نشعر بتلك المشكلات، فنحن لم نعشها ولم نكن جزءاً منها، ولكننا أُقحمنا بها بالوراثة. لكن الأمر كان مختلفاً فيما يتعلق بمشكلة الإنترنت، فهي مشكلة تؤثر على حياة الشباب على الأقل من وجهة نظرنا، فحينها لم يرض الشاب بالسكوت ولم يكتف بالرضى.
لجأ معظم الشباب إلى الإنترنت لتعويض ما ينقصهم في حياتهم، فيكون الإنترنت بديلاً لنواقص أسرية أو إجتماعية، أو حتى بديلاً لحرية أو ديموقراطية معدمة في الحياة السياسية. هذا الجيل إستطاع خلق حياة يراها مثالية من خلال جهاز الكمبيوتر، وصل الأمر إلى تنظيمات إجتماعية أو سياسية ذات شعبية واسعة تمارس أنشطتها من خلال الإنترنت. لذلك كان من الطبيعي أن تعلو أصوات الشباب "قطعوني بس ماتقطعوش النت" مادام "النت" هو المنفذ الأوحد للتعبير عن الرأي دون خوف.
حتى قضية خالد سعيد أُثيرت أساساً عبر الإنترنت، وما حرك الشباب بكل تلك الإحتجاجات والمظاهرات المنظمة، أو حتى مجرد التعاطف مع القضية، هو أنها تمسهم. فإنتشر بين الشباب أنه إذا لم يُؤخذ موقف الآن لإيقاف التعذيب، فإن الدور قادم على كل الشباب. هذا أثار الشباب وجعلهم يشعرون أن لهم دوراً وأن الفرد قد يؤثر في مصيره الشخصي، والأهم في مصير بلده.
إذن هذا الجيل يحتاج إلى ما يحركه، يحتاج إلى شيء يغير الفكرة التي تَرَبَّى عليها أن الواقع لن يتغير وأنك يجب أن ترضى بحظك. ففكرة التعذيب في حد ذاتها لم تكن المحرك، وإنما كون الضحية شاب، مسّ ذلك قلوب الشباب، وجعلهم مهتمين بمعرفة التفاصيل، ولا يتقبلون التهم التي لفقت إلى خالد سعيد بعد موته. هذا التحرك الجماعي والرفض من الشباب لِمَ حدث إلى زميلهم خير دليل أن هذا الجيل بداخله ما قد يحيي الأمل




ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

2 التعليقات:

nony يقول...

صحيح ان المشكله اننا متهمين بحاجات كتيره ومافيش حد بيشوف سبب المشاكل دي ايه احنا بس بنلوم في بعض بس ياريت الحريه الي عند الشباب على النت تكون موجوده في الواقع ساعتها ها يبقى ده الجيل احسن من مليون جيل سبقه

SeMSeMiZaTioN يقول...

ما هي دي القضية.. المشكلة في ان الجيل دا يحس باللي حواليه، وساعتها كل حاجة تبقى تمام.. غيبونا قرون لكن الجيل دا ممكن يعنل حاجة وانا عندي الأمل

إرسال تعليق

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More