قَدْ سَقَطَتْ عَبَاءَتَكَ أَيُّهَا المُدَّعِي


كنت خاءفاً ترتجف رعباً تخشى أن يعلو صوتك لحظة، فيسمعك من يمسك لك العصا. فاخترت الطريق الأسهل، وسميته الطريق إلى الله. إقتصرت القرب من الله لنفسك. كونك قد أطلقت اللحية، وقصّرت العباءة، وأمسكت بالمسبحة. أخذت الدين تجارة، لم أنخدع كما انخدع غيري بمظهرك، كنت أعرف ما يكن بصدرك. ومن هنا لم تسيطر علي بأفكارك كما سيطرت على من صدقوك، كان سلاحك تعبئة العقول. وبما انه لكل وقت هدف تنشده، تباينت آراءك مما عرّاك أمام الكثيرون.
دعوتك قبلاً كي تعترض على حاكماً زاد ظلمه، فأبيت. قلت لي حينها: الخروج عن الحاكم حرام شرعاً. بررت لنفسك السلبية، ولم تكتف، بل وصفتني بالكفر، وأبحت دمي.
كلامي ليس مطلقاً على كل من أطلق لحيته، أو على كل من يقال له شيخاً. مع أنه ما أسهل أن يقال على المرء شيخاً هذه الأيام. كلامي لأشخاص يتاجرون بإسم الدين، شيخ بمسجد، أو قس بكنيسة، تنازلوا عن دورهم كمصريين، لم يلبوا نداء الوطن حين طلب رجالاً. وها هم الآن أول من يبحثون عن الغنيمة. تقاعصوا عن القتال في الغزوة، وانهمكوا في غزو الإعلام والصناديق. ذاع سيطهم، مع انهم كانوا يُستخدمون من النظام السابق المخلوع.
يا أيها المدّعي، أتذكر حجتك البالية عندما دُعوت إلى الثورة؟!! قلت حينها أنك رجل دين لا دخل لك بالسياسة. وقلت لك حينها رأيك يجب عليّ أن أحترمه، وإن إختلفت معك في وجهة النظر. فتعاونت أنت مع جلادي كي تبطل ثورتي، ولكن الله نصرني. والآن.. وبعد أن إنتصرت إرادة الشعب. ظهر وجهك القبيح، وظهرت رغباتك الدفينة، فبعد سنوات من الطاعة والخوف، ظهرت لك الأنياب، فأصبحت طرف أساسي في العمل السياسي الذي إبتعدت عنه قبلاً. أسست أحزاباً، وجيّشت أفراداً وثقوا بك، وإعتبروك رمزاً للدين، إستخدمت منبرك فيما لا يعنيك، فلوثت الدين بوساخات السياسة. تريد كذا، ولا تريد كذا. لن أقول لك بأي حق تريد، فأنا لست مثلك، لا أحتكر شيئاً على نفسي، كما احتكرت أنت الدين، وكفّرت كل من سواك.
هدفي منذ قيامي بالثورة هو أن يشارك الجميع بما فيهم أنت -أيها المدعي- في صناعة مستقبلنا، هدفي أن تعلو جميع الأصوات في حرية بما فيهم صوتك دون أن يحجبه أحد. ولكن ما لن أسمح لك بتحقيقه، وان متّ في سبيل ذلك، أن تسيّر أنت الشعب كالقطيع، أن يكون صوتك هو الصوت الوحيد المسموع. فقد أسقطنا نظام الراعي الحاكم بالعصا، الذي كنت أنت أول من يخشى عصاه.

لا لمن يستخدمون الدين

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More