البرادعي.. ماذا و كيف؟!!

بسم الله الرحمن الرحيم

في الآونة الأخيرة تردد إسم الدكتور محمد البرادعي كثيراً في الأوساط السياسية، فتسائل الكثيرون ماذا يريد من مصر؟ و كيف يكون رئيساً لمصر شخص عاش عمره خارجها؟ وكأنه قد فعل جرماً بسفره خارج مصر، أم أن المواطن البسيط لا يستطيع تخيل التغيير، فمعظم هذا الجيل قد ولدوا وجدوا الحال على ما هو عليه لا يتغير، وها قد جاء شخص فجأة يدعو إلى التغيير، كيف؟! فقد تربى هذا الجيل على حب النظام حتى أصبح أليفاً. هذا الجيل فقد حتى الحلم الذي كان يشع بصيص الضياء الوحيد الذي كان يبصر من خلاله جيل يعيش بين ظلام حالك إبتلع شمس الأمل فيه، فأصبح هذا الجيل لا يملك سبباً في الحياة،فتراه يشغل نفسه بما لا يفيد كي ينسى حاله الذي تدمع له أعين الأعادي من إرتفاع أسعار وتدني مستوى المعيشة وبطالة وغيرها، وتراه يغامر بحياته في البحر محاولاّ إيجاد طريقه في الهجرة وإن كانت غير شرعية، وتراها تريد الزواج بأي رجل ظناً منها أنه المجال الأوحد للهروب مما هي فيه، فترتفع نسب الطلاق والمشاكل الزوجية. وماذا كنت تنتظر من شباب علمتهم السلبية واللا مبالاه؟! كيف لك أن تحاسبهم بعد ذلك؟!! 
جاء البرادعي بمثابة الأمل المفقود لدى البعض أما الأغلبية المتشائمة فترى أن قدومه كعدمه وأن لا شيء سيتغير، في إعتقادي الشخصي المتواضع أن الأحداث التي نمر بها حالياً بعد قرار البرادعي بخوض الإنتخابات تبشر بخيراً بإذن الله، ليس بسبب أن البرادعي هو صلاح الدين الأيوبي الجديد وهو من سيغير مصر بين ليلة وضحاها، بل بسبب متابعة جميع فئات الشعب الأحداث المتلاحقة بشغف، الأمر الذي خلقه جديداً البرادعي في الشارع المصري لم يكن موجوداّ في السابق.
*إذاً ماذا يريد البرادعي من مصر والمصريين؟
البرادعي عندما قرر خوض حرب الإنتخابات الرئاسية جاء بفكر جديد مبني على فكرة التغيير، فأعلن أنه يريد خوض إنتخابات الرئاسة لعام 2011 فرحب مؤيدوه بهذا، وكان هذا يتطلب من البرادعي الإنضمام لحزب لكي يترشح من خلاله، وهو ما رفضه البرادعي نظراً إلى ضعف الأحزاب في مصر مقارنةً بالوطني الحاكم الأمر الذي يقلل فرص أي مرشح أمام مرشح الحزب الوطني، فقرر البرادعي أن يكون مستقلاً، وهذا مخالف للدستور المصري الذي يحتم الترشح من خلال الأحزاب. أنشأ البرادعي الجمعية الوطنية للتغيير (
الموقع الرسمي من هنا) والتي تهدف إلى تعديل 3 مواد من الدستور المصري لضمان إنتخابات نزيهة حرة تؤدي إلى رئيس إختاره المصيون بالأغلبية، وهذا الأمر لا يكفله الوضع الحالي، فتأسست الجمعية وإلتف حولها معظم المعارضة حتى المعارضين لفكر البرادعي لتوحيد كلمتهم أمام الحكومة ولكفالة حرية الترشح ونزاهة الإنتخابات الرئاسية. وكانت هذه الثلاث هي المواد 76 و 77 و 88. بتغيير هذه المواد الثلاث يسهل الترشح للإنتخابات بدلاً من وضع شروطاً تعسفية الغرض منها تقليل المنافسة، وسيكون لكل رئيس فترتين رئاسة كل واحدة أربع سنوات لا يحق له بعدها الترشح مجدداً مما يضمن تداول السلطة والذي هو أول شروط الديموقراطية، وأيضاً ستتم الإنتخابات تحت إشراف قضائي تام حتى تضمن النزاهة والشفافية. بتغيير هذه المواد الثلاث سيضمن المواطن أن صوته عندما يدخل صندوق الإنتخابات لن يزور أو يبدل، سيضمن المواطن أن المرشح الناجح فاز بالأغلبية ليس بتزوير أو بطرق غير شرعية.
*وكيف يكون رئيس مصر شخص قد عاش عمره بالخارج؟ وما فائدة التغيير إذا تولى الحكم من هو في الستينات من العمر؟
عمل البرادعي رئيساً لوكالة الطاقة الذرية أي أنه قضى فترة من عمره خارج البلاد، وهذا لا أعتبره نقطة ضعف في البرادعي، فالإنسان مهما غاب عن بلده يظل يحبها ويتابع أحوالها وأخبارها، وقد يكون هذا المقيم بالخارج محباً لمصر أكثر ممن هو مقيم بها، ثم إن شخصية بحجمه في الأمم المتحدة يجب أن يكون مطلعاً على أحوال البلاد المختلفة فما بالك ببلده؟! البعض يقول: كيف سيشعر بمشاكل المواطن البسيط؟
لم لا يشعر به؟ أم أن هذا البسيط يُحَسٌّ بمشاكله النظام منذ 30 عاماً، أو أن من يقيم بشرم الشيخ يطلع على حياة المواطن اليومية ويراعي متطلباته.. -لكان الحال تغير-. أو أنكم تنتظرون إبن القصور المدلل أن يحس بأزمات الفقير، كيف لمن تربى على الكافيار أن يشعر بجوع مواطن يقف في طابور الخبز أو أنابيب البوتاجاز كي يطعم عائلة؟
هناك من يقول أيضاً أن البرادعي كبير السن لن يأت بتغيير، أقول لهؤلاء أن العمر لا علاقة له بالتفكير، فكم من شاب ذو فكر أصابته الشيخوخة يتبع أسلافه القدامى كما يقول الكتاب دون تعديل حتى أصبح مثلهم، وكم من عجوز ذو فكر شاب قوي يخاطب عقول الشباب ويعرف الطريق إلى إقناعهم، فمن بنظرك أفضل؟! كما أريد تذكير هؤلاء أن الرئيس الحالي محمد حسني مبارك قد بلغ الـ 82 من العمر (بارك الله في عمره وعافيته)
دون شك الحياة السياسة في مصر تحتاج الدكتور محمد البرادعي لأنه هو الأول الذي عرف كيف يتعامل مع معركة الإنتخابات من جهة، وعرف كيف يخاطب عقول المجتمع المصري من جهة أخرى. على الأقل يجب علينا الإلتفاف حوله الآن حتى نحصل على مطالبنا وحقوقنا.


ك يف يكون ر

0 التعليقات:

إرسال تعليق

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More